مخلف بن دهام الشمري
استبشرنا خيرا بإزالة الكثير من الحواجز ومقص الرقيب أمام الكاتب والمثقف السعودي في كافة وسائل الإعلام ومنها الصحافة ، وكان هذا النهج انعكاسا لتوجيهات قيادتنا الرشيدة بان حرية الرأي والنقد الهادف هما حرية شخصيه لكل إنسان وإنهما احد دعائم الإصلاح الذي ننشده حكومة وشعبا. ونتيجة لهذا التوجه برزت لدينا أقلام مميزه تناقش هموم ألامه وتشير إلى مواقع الخلل بالنقد الهادف ،حاملة لواء التنوير والتثقيف للمجتمع نابذة الغلو والتطرف والإرهاب المسلح والفكري والتشنج بالطرح والمناداة بالتسامح والتآخي وإتباع منهج الوسطية ،ومحاولة الإشارة إلى بعض الممارسات والموروثات التي تخلط الدين بالعادات والتي تحاول مخطئة إسباغ الجنسية على الدين بينما الصحيح بان كل الدول الاسلاميه تابعة للدين وليس العكس فالدين انزله الله على البشر كافة قبل أن توجد الدويلات والحدود كما أن الإنسان المسلم بعد أن يكون مكلفا محاسبا أمام الله دون الحاجة إلى وصي أو واسطة بينه وبين الخالق ليتولى إيصال صوته ،فهو المحاسب على أفعاله ويأتي يوم القيامة فردا بما كسب من خير وشر.
وحيث الثقافة المتوارثة لدى فئة منا تعتقد بأنها لها اليد الطولي في إسكات كل صوت يعارضها أو ينتزع منها سلطتها غير الشرعية على الناس ولا تعترف برأي غيرها وليس لديها أدنى استعداد للنزول من أبراجها العاجية التي وضعت نفسها بها فوق خلق الله باسم الدين والإسلام ووضعت الحواجز والعراقيل بين أفراد المجتمع وقسمت المجتمع إلى أقسام متناحرة فكريا ومتباغضة نفسيا وهذا ليس من الإسلام بشيء ويضر بالإسلام ولا ينفعه.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصعر خده للناس ولم يعتزل العامة بل كان يناقشهم ويجلس معهم ويأخذ رأيهم رجالا ونساء وكان رحيما كريما يحاول إيجاد الأعذار للمخطئ ولا يتصيدها ولنا في قصة الزاني عندما اعترف لرسول الله جاوبه عليه الصلاة والسلام بقوله لعلك قبلت؟ ثم لعلك فآخذت ؟ وكذلك قصة الزانية عندما ردها ثم ردها حتى فطمت رضيعها وهذا يوضح مدى الرحمة والشفقة التي جاء بها الإسلام.
كما أن المصطفى (صلى) قد غضب غضبا شديدا عندما سمع من أن احد الصحابة قام بقتل احد المشركين أثناء الحرب بعد نطقه لكلمة التوحيد عندما شهر السيف عليه، غضب الرسول فجاوبه الصحابي لقد خاف من السيف يارسول الله!! فقال (صلى) وهل تعلم مافي قلبه!!
نعم إن من يعلم من في القلوب هو خالقها فقط ولكن للأسف الشديد بدأت تظهر لدينا فتاوي تكفير المسلم دون دليل وفي الحديث( من كفر مسلم فقد كفر) التكفير ليس بالهين فهذا يعني إهدار دمه، وفسخ عقد زوجته، وحرمان الورثة من الميراث في حالة وفاته وعدم الصلاة عليه وعدم دفنه في مقابر المسلمين.
إن الفتوى بتكفير الكاتبين عبدا لله بن بجاد العتيبي ويوسف أبا الخيل بمجرد الظن مرفوضة تماما من كل مسلم والمفروض من علمائنا الأفاضل قبل إطلاق هذه الفتوى التحدث مع الكاتبين وسؤالهما عما حصل من التباس وبعدها يتم الإفتاء عما نطقا به أمام الملا أو الشهود أما مجرد الظن والشك فالله سبحانه وتعالى هو من يعلم النيات كما أن الكاتبين لم يصرحا بكفرهما بالثوابت حسب ماورد في مقالتيهما حسب فهمي.
بالأمس يقول الشيخ عايض القرني في باريس بان لدينا غلظة وجفاء وشده وأنا أوافقه على ذلك وهذا الأسلوب ينفر ولا يبشر. وقبل بضعة أيام يقول الشيخ سلمان ألعوده بأنه لايجوز تكفير تارك الصلاة وتطليق زوجته وتشريد الاسره وإنها شعيرة من شعائر الإسلام ولكن لايكفر تاركها!!
هــذا التناقض بالفتاوى تشوش على ألعامه وعلى علمائنا إيجاد حل سريع لتوحيد الفتاوى ووضع جهة موحده لإصدارها. وعدم تكفير المسلمين دون ثبوت خروجهم أو ردتهم عن الإسلام وإصرارهم على ذلك.
يقول الله تعالى( ادع والى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه ، وجادلهم بالتي هي أحسن) وهذا هو السبيل الدعوي الذي أراده الخالق جل وعلا وعلى علمائنا قبل ألعامه عدم الخروج عن هذا النهج.
إن الكاتب والمثقف السعودي سوف يتردد في الكتابة والتعبير عن رأيه خوفا من تكفيره وإهدار دمه ولهــذا فان اقل مانفعله هو التوقف عن الكتابة تماما تضامنا مع الكاتبين عبدا لله بن بجاد العتيبي ويوسف أبا الخيل حتى يتم سحب فتوى تكفيرهما التي لاتستند إلى دليل واضح لا لبس فيه وفي نفس الوقت فإننا لانقبل ولا نرضى بان يقوم أي كاتب بالتعرض لثوابت الدين أو المساس بالعقيدة فهذا خط احمر لانقبل الاقتراب منه. كما أن لكل مسلم الحق في مناقشة أمور دينه وطقوسه الدينية والتبصر بها دون وصاية من احد وفهمها فهما صحيحا وان لايكون كأصحاب الأصنام عندما قالوا( وجدنا عليها إبائنا ...الخ الايه) والسلام